منشورات المدونة

الاثنين، 9 يناير 2012

الحاخام "جُحا" الإسرائيلي !!


رحِمَ اللهُ الأستاذ / جحا – فقد وضعَ سِياساتٍ يَعجزُ كِبارُ الساسةِ عن وضِعها، ففي طفولتي سمعتُ كثيرًا تلك الأسْطُورة الضَّاحكة التي تقول:
باعَ جحا بيتًا كان قد ورثهُ عن والدهِ من شدةِ العَوز، ولكنَّهُ كان ماكرًا، فقد قام بدقِّ مسمارٍ في عامود البيت الذي يتوسط الدار، ولما همَّ بتسليمِ البيتِ للمشتري أشترطَ عليهِ شرطًا بسيطًا، هكذا رآه المشتري، وهو أنَّ جحا قد باع الدار ولكنَّهُ لم يبعْ المسمار التذكاري هذا، والذي تعللَّ جحا للمشتري أنه مسمارُ أبيهِ والذي يذكِّرهُ دومًا بأيام أبيهِ الخوالي، وكان المشتري في قمَّة السذاجة مما جعله يقبل بهذا الطلب أو الشرط الغريب، ويقبل أيضًا بأن يأتي جُحا مِرارًا إلى المسمار الأثري ليجلس تحته مُعتبرًا ، وتمر أيامٌ قليلة، ويأتي جحا للبيت، وبدون إستئذانٍ ليجلسَ تحت المسمار المذكور، يبكي تارةً ويغني تارةً، يلْطِمُ تارةً وينْتحِبُ تارةً، يأتي قبلَ صلاةِ الفجر، وحين يضعونَ ثيابهم من الظهيرة، ومن بعدِ صلاة العشاء، حتى ضاق الرجل المشتري ذرعًا بما يفعل جحا، وبعدما أستبدَّ بهِ الحَنَق طلب من جحا العُدول عن الصفقةِ، وأن يعيدَ البيتَ إلى جحا ويستردَّ المبلغ المدفوعَ، وهنا تعلَّلَ جحا بأنه قد أضاعَ المبلغ، قيمةَ ثمنِ البيت، ولنْ يقدرَ على الدفع إلا بعد ميسرة، فلمْ يعبأ الرجل بهذا، بل على الفور، جمعَ متعلقاته وحاجياته وأنطلقَ هاربًا من الدار، تاركًا الدَّار والمسمار لجحا، وهنا تم لجحا ما أراد.
ويشاء الله العلي القدير، أن نرى ويرى العالم، ونسمع ويسمع العالمين، عن أنَّ مسمار جحا لا يزال موجدًا إلى الآن، بعدما ظننا أنَّها أسطورةٌ من وحي خيال العامّة، وقد عثرت على المسمارِ، وشاهدتهُ بعيني رأسي، وبرغَم أنَّ بعضَ المؤرخين قالوا بأنَّ الشخصية الحقيقية المستنبطة منها كل الحكايات "الجحوية" هي شخصيةٌ تركيةٌ، وقالوا: ولد جحا في الأناضول بتركيا عام 283 هجرية، وكان أسمه الحقيقي "نصر الدين الرومي" وكان يُلقب بـ (الهوجا نصر الدين) وهوجا معناها "مُعلم" ومنها جاءت التسمية وتمَّ التحريف اللغوي حتى صارت "جحا" ونُسي الإسم الحقيقي – نصر الدين الرومي، وأختلف آخرون على الرجل، فمنهم من ذكرَ أنَّه "أبو الغصن دجين الفزاري" والذي ولد في أواخر القرن الأول الهجري، وعاشَ حتى أدركَ العصر الأموي في القرن الثاني إلى خلافة المهدي، وطبعًا الشيء الذي لم يختلفوا عليهِ هو ظُرف الرجل ودهائهِ، وبرغم كل الإختلافات المذكورة حول التاريخ ومحل النشأة إلا أنني أجزم جزمًا يكاد يكونُ قاطعًا على أن الرجل كان في مصر، وبالتحديد في محافظة البحيرة، وتحديد التحديد في قرية " دمتيوه"
ففي هذه القرية يقع "ضريح" مجهولُ النسبِ، مجهول الهويَّة، معلوم المقصدِ والترتيبِ، إنه ضريح ما يعرف بـ "أبو حصيرة" والذي يستعمله اليهود كمسمار جحا تمامًا، ولو بحثنا عن هذا الإسم سنخلصُ إلى التالي:
أبو حصيرة كما يتخيلوه
أبو حصيرة هو – يعقوب بن مسعود، حخام يهودي من أصل مغربي، عاش في القرن التاسع عشر، ينتمي إلى عائلة يهودية مغربية كبيرة أسمها عائلة "الباز" هاجر بعض أفرادها إلى مصر ودول أخرى، وبقي الكثير منها في شمال المغرب حتى الآن، ويعتقد بعضُ اليهود أنه رجلٌ مُبارك، لذلك يقيمون لهُ مُولدًا كل عامٍ في قرية دمتيوه في محافظة البحيرة شمال شرق القاهرة بجمهورية مصر العربية الإسلامية، ويكمل المؤرخ قائلا:
خرج من المغرب قاصدًا زيارة بعض الأماكنِ المقدسة في فلسطين، حتى ماتَ في هذه الرحلة، وكان قد أوصَى بدفنهِ في مصر، وتحديدًا في هذه القرية بالذات !! عام 1880م.
وكان الضريح عبارةً عن قبرٍ بسيط ومجهول، حتى أستطاع بعض اليهود المصريين شراءَ الأراضي المجاورةِ للقبرِ من الأهالي، وبمعرفة وشهادة مديرية البحيرة حينذاك في عام 1945م، وبعدها أقاموا ضريحًا للحاخام اليهودي، حتى أمسى مزارًا سياحيًا يقصده اليهود "الإسرائيليون" تحديدًا.
وبرغم أنَّ هناك حكمًا قضائيًا صادرًا من محكمة الإسكندرية يقضي بإيقاف الإحتفال بالمولد، والذي صدر بناءًا على البلاغ الذي تقدم بهِ الأستاذ / مصطفى رسلان المحامي في وقتٍ سابق، وقبل قيام ثورة 25 يناير المجيدة، ولكن لا حياة لمن تنادي، ووفقًا لسياسة "التطنيش" التي كانت مُتبعة من قبل النظام البائد، والتي كان من أيدلوجياتها ترك المعترض يعترض، والمضي قُدُمًا في سبيل إتمامِ ما أُعترضَ عليهِ، ظل المعترضون يهتفون ولا مُجيب، وظل المسمار، أقصد الضريح، قبلةً للإسرائيليين في هذا الوقت من كل عام، وها نحن قد عبرنا إلى عصر الحريات، وبعدما أسقطنا رأس النظام الصهيوني، أظن أنهُ قد آن الأوان لإيقاف هذه المهزلة، فإن كان جحا قد تفنن في إيذاء المُشتري حتى ولى هاربًا،فلسنا مشترين، بل أصحاب أرضٍ ولدنا عليها وسنموت ونُدفن فيها، أم ننتظر حتى تتحول القرية إلى مستوطنة يهودية على أرضِ مصر ؟!
إنَّ الضريحَ قد تحول إلى حائط مبكى جديد فماذا ننتظر بعد ؟ يحجُ مئات اليهودِ الإسرائيليين كل عامٍ إلى بلادنا، حاملين الخمور والموبقات التي لا يرضاها ديننا ولا عقيدتنا ولا حتى عادتنا وتقاليدنا، وفي حراسة قوات الأمن المصرية تقام الإحتفالات المقذذة، ويحرُم على أبناء القرية الخروج من بيوتهم في تلك الأيام، أو المرور من الشوارع المؤدية إلى الضريح، ويقف ضباطٌ وجنودٌ على أبواب البيوت المجاورة للضريح ليمنعوا القاطنين من الخروج لقضاء حاجياتهم، فأي قانونٍ هذا الذي يسجنني في بيتي، ولحساب من تقيدُ حريتي ؟! لحساب إسرائيل والصهيونية العالمية ؟ أم أنها دعوة للنهوض بالسياحة في مصر !! عجبًا لنا وتبًا لهم.
وفي هذه الأثناء تحركت بعض القوى السياسية على استحياءٍ وغير مدعومةً من الإعلام الهابط إلى القرية، منددين بهذا المولد القذر، مُطالبين بتنفيذ الحكم الصادر والمذكور، مُتصدين بأجسادهم لسرب الحافلات السياحية القادمة من إسرائيل للإحتفال بهذا الشيطان القابع في البحيرة ومن هذه القوى، حركة "مدونون ضدَّ أبو حصيرة" وحركة "كفاية" وبعض الممثلين عن بعض الأحزاب السياسية مثل "حزب الحرية والعدالة" و"حزب النور السلفي" وقليل من النشطاء، والسؤال:
أين حركة 6 إبريل ذات الصوت العالي، وأين أبواقها التي لطالما أزعجتنا بطنينها ودعواتها الهدَّامة ؟ وأين المُتحدثون عنها؟ أين محمد عادل وأحمد ماهر وأسماء محفوظ وإسراء عبد الفتاح وعلاء عبد الفتاح وطارق الخولي ونوَّارة نجم ؟ بل أين علاء الأسواني وخالد يوسف والبرادعي وممدوح حمزة الراعي الرسمي للإخلال بالأمن في مصر، أين أيمن نور، وأين قلم مجدي الجلاد، جلاد الإسلام والمسلمين، وأين إبراهيم عيسى المُتقول على عائشة رضي الله عنها، وأين عمَّار أفندي علي حسن، وأين الدكتور عمرو حمزاوي صاحب السوالف الأنيقة، وأين وأين الكثير، أين قنوات دريم والمحور، وأين الحياة وروتانا، ورزاليوسف واليوم السابع ؟ مات كل هؤلاء، أم لديهم مواضيع أكثر أهمية من الإستيطان على أرض مصر ؟ 
أم أنَّ هذا يندرج في عرفهم تحت بند الحريّات التي يجب أن تُراعى، وأنَّ دينهم وأخلاقهم يقضيان بأن يكون هناك مساحة من الحرية لكل فصيلٍ ودخيلٍ أراد أن يقدس ما يعتقده، حتى لو كان غصبًا ؟ أو رُبما هذه توصيات من أمريكا لهم، الله تعالى أعلم.
لم ألحظ إلا قناة الجزيرة مُباشر مصر، هي الوحيدة التي غطت بعضًا من هذه الوقفة الإحتجاجية هناك، وبرغم كل ما يُقال عن الجزيرة، وما يُنسج عنها من ظنون، إلا أنني وإن اختلفت معها أو مع من يشيطننونها أرفع لها القبعة، فقد فعلت ما يجب أن يفعلهُ إعلامنا الكذَّاب المُنافق المشغول بأتفه القضايا، فقد أفرد أحد أبرز وألمع مقدمي "التوك شو" مساحةً أمس في برنامجهِ الناجح ليتساءل: هل سوف تُرفع جلسات مجلس الشعب القادم لأداء الصلاة في جماعة أم لا !! حيثُ أنَّ غالبية الأعضاء من التيَّارات الدينية !!
أي سفهٍ هذا، وأي تفاهةٍ تلك ؟ أيها الأستاذ ماذا سنستفيد من هذا التساؤل ؟ وماذا ستستفيد أنت إن رفعتِ الجلساتُ أو استمرت في الإنعقاد ؟ أمَّا باقي الإعلاميين فمشغولون بتهييج وتعبئة الناس للخروج في الذكرى الأولى للثورة، حتى نُحِيلها إلى جنازةٍ أخرى، بعد جنازة شارعَي محمد محمود والشيخ ريحان وأحداث مجلس الشعب ومجلس الوزراء، ولنرى حرق بلادنا "حصريًا" وعلى الهواء مُباشرةً، كما رأينا حريق المجمع العلمي، أما أبو حصيرة فبعيد عن دائرة الإهتمام، ولا بأس بالإستيطان الجديد !! أهذه مؤامرة تُضاف إلى قائمة المؤامرات المنتسبة إلى نجوم بعينها من النخبة الإعلامية المُنحلة ؟! فبرغم أني ظللت عقودًا أسخرُ من نظرية المؤامرة التي كنت أسمعها وأصطدم بالمؤمنين بها، إلا إنني قد أصبحتُ وبكلِ فخرٍ أؤمن بها أيَّمَا إيمانٍ، بعدما شَهدتُ ما شهدت وشاهدتُ، وعاينت ما لا يراه الأعمى، وسمعت ما لا يسمعهُ الأصم، ولمَّا كنتُ ذا سمعٍ وبصرٍ مُرهفين، خَلصتُ إلى أنَّ من لا يُؤمن بأنها مؤامرة هو واحدٌ من أثنين، إما حالم، وإما متواطئ، ولستُ واحدًا منهما.
أيها المحتجون على مولد مسمار جحا، أشدُ على أيديكم، فهكذا تكون الصحوة الإيمانية والإنسانية والعروبية، وهكذا تكون الغيرة على عرضنا وأرضنا، كفانا نومًا فقد همَّ القطار على الرحيل، وليذهب أبو حصيرة بحصيرتهِ إلى الجحيم، وإلى الأبواق الموجهة، والأقلام المأجورة، ودكاكين الإعلام الفارغة من المضمون، إليهم جميعًا أقول: قد جاءت الفرصة لتثبتوا لنا أن ما يجري بشرايينكم دماءًا وليست خمرًا، وأن مِداد أقلامكم ليسَ زبدًا يذهبُ جُفاءًا، وأنكم تشربون من مياه النيل وليس من نهر "الميسيسيبي" وأنَّكم رضعتم من النيل، وليس من نهر "السين" وجهوا أقلامكم وأبواقكم إلى هناك قبل ضياع الفرصة، وإلى شعب النيل أقول: لا تنتظروا أحدًا.
_______________

مصطفى كامل زلوم


نقلا عن جريدة المصريون

اليهود حول الضريح





  

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

الجزيرة بث مباشر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More