منشورات المدونة

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الّذين رقصـوا على السِلِّم !!



نسمعُ كثيرًا عن الذين رقصوا على السِّلم ،، فما رآهم الذين صعدوا ولا أبصرهم الذين نزلوا ،، ولكن لم أشرُفُ برؤية أولئك القوم إلا في هذه الأيام ،، وخاصةً بعد ثورةِ 25 يناير ،، ومع الأسف كنتُ أنا منهم !! فلقد رقصتُ ولازلتُ أرقصُ على السِّلم ،، لم يرني الصاعدون ولا الهابطون ،، فمنذ إندلاعِ الثورة في الخامسِ والعشرينَ من يناير «كانون الثاني» الماضي ،، كنَّا – أو كنتُ مع مطلب خروج المخلوع من السلطةِ ،، وكنتُ مع تقديمهِ للمحاكمة ،، وكنتُ مع تولي الأحرارُ السلطةَ ،، وكنتُ مع أن يحكمَ المجلسُ العسكري لفترةٍ وجيزةٍ يتمُ خلالها اختيارُ نوابَ مجلسِ الشعب وإنتخابُ رئيسًا يأتي على خلفيةٍ شفَّافةٍ ،، وبإنتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ ،، ثم غامتْ السماءُ ولم تُمطر !! وإلى الآن لازالتِ السماءُ غائمةَ النجومِ ،، لا يُرى لها شفقٌ ولا غسق .
ثم توالتِ الإتهاماتُ يُمنةً ويَسرةً هنا وهناك ،، فالمجلسُ العسكري يتهمُ الشبابَ بأنَّهم مأجورون ،، والشبابُ يتهمُ المجلسَ أنَّهُ مع الفلولِ ،، والتيَّاراتُ الإسلاميةٌ تتهمُ الليبراليةَ بالكفرِ ،، والليبراليةُ تتهمُ الجميعَ ،، حتى الشعبَ المصري بكاملِ طوائفهِ ومُختلفِ ألوانهِ ،، أتهمتهُ الليبراليةُ بأنهُ شعبٌ مُرتشي ،، باعَ صوتهَُُ بزجاجةِ زيتٍ أسطوانةِ غازٍ!!
وعلى هذا..
ظللنا نبحثُ أنا ومع معي من الذينَ رقصوا ويرقصوا على السِّلم عن من نثقُ فيهِ ،، فالكلُ أمامنا مُدانًا ،، والكل طالهُ الوحلُ والدنسُ وطالتهُ التهمُ ،، الكلُ أصبحَ ورقةً خاسرةً على المائدةِ الخضراء ،، الكلُ فقدَ الثقةَ بنفسهِ وبالتالي فقدنا الثقةَ فيهِ.
وفي خضمِّ هذا برزتْ ديدانُ الأرضِ ،، تنهشُ الأخضرَ واليابسَ ،، تأكلُ الحجرَ والبشرَ والشجرَ ،، تُشعلُ النيرانَ في كلِ شيء ،، حتى الدوائرَ العلميةِ لم تسلمْ من نيرانها ،، و«المَجْمَع العلمي المصري » خيرُ شاهدٍ على هذا ،، هذا لو ظلَّ مكانهُ ولم ينهار من جرَّاء الحريق !! حتى الإنتخابات النزيهة والتي صوَّرتْ وجهةَ نظرِ العامةِ والأكثريةِ الصامتةِ ،، أتتْ عليها النارُ ،، وطالها الغُبارُ ،، فخوَنَّا القضاةَ وخونَّا الصناديقَ ،، وخونَّا الأقلامَ التي وضعتِ العلامات ،، وخوَنَّا أنفسنا ،، وطبعًا وبحسبِ المنظومة الإعلامية الرائدة ،، كل شيءٍ كانَ حصريًا وعلى الهواءِ مُباشرةً وإنفرادًا ،، وتدافعتِ الكاميراتُ ،، تضربُ بعضُها بعضًا ،، وتسابقتِ الأبواقُ ،، يُزايدُ بعضها على بعضٍ ،، وظهرتْ وجوهٌ بغيضة مكروهة سئمناها من زمن ،، ظهرتْ على أنَّها المُنقذة والمُخلصة ،، وعلى أنَّها قائدة ثورةِ التصحيح ،، واندلعَ الفحيحُ يملأ الآفاقَ ،، كل هذا ونحن – أو أنا لازلت أرقص على السِّلم ،، لا أعرف من أتبع ؟! ولا من أصدق ؟! ولا مع من أسير ؟!
ءأتبع الفلولَ إذا فلَّوا ،، أم العسكريين إذا ولوا ،، أم الإسلاميين إذا صلوا ،، أم الليبراليين إذا إنحلوا ،، أم الإعلاميين إذا تخلوا ،، أم أكون جبان ،، فأتبع الأمريكان ؟؟ والله إنَّها لمعضلة.
والسؤال:
هل نقومُ بتجريفِ الأرضَ كُلها ؟ أي بمعنى ،، نُنحي العسكري ،، ونسجنُ المُتظاهرين ،، ونلغي الإنتخابات ،، ونعدمُ الفلولَ ،، ونغلقُ الأبواقَ الإعلاميةَ ،، ونسحلُ البلطجيةَ ،، ولكن كيفَ يتمُ هذا ؟! وهذا سؤالٌ آخر !! وتتوالى الأسئلة ،، وتغيبُ الأجوبة ،، ويَظلُ الحليمُ حيرانًا ،، وأظلُ أنا ومن معي نرقصُ على السِّلم ،، لا الصاعدون رأونا ،، ولا الهابطون أيضًا .
إنَّ الموقف يزداد ظلامًا ،، ولم تعد السماء غائمة فحسب ،، إنَّما الأرض أيضًا هي الأخرى غامتْ ،، بعدما أبرزتْ ديدانها القذرة المُتوحشة ،، التي قاربت أن تأكلنا بكاملنا 
 
إنَّ من شروطِ وعلاماتِ المقال الجيد ،، أن يُقدِّمَ للموضوعِ ،، ثم يطرحُ الأسئلةَ ،، ثم يأتي بالإجابةِ ،، وها أنا قدَّمتُ للموضوع ،، وطرحتُ الأسئلةَ ،، ولكن ليس لدي ثمةَ أجوبة ،، ليس هذا لأني كاتبٌ فاشلٌ ،، أو مُغيبٌ عن الموقفِ الراهن – لا بل لأني لازلت أرقصُ على السِّلم ،، وتعلمتُ مما مضى أن لا أحد سوف يراني ،، ولذلك لن أكلفَ نفسي عناءَ البحثِ عن حلولٍ ،، طالما لا أحد يرى ،، ولا أحد يسمع ،، ولا أحد يستفيد مما سبق ،، ولتبقى الأمور على ما هي عليه ،، وعلى المُتضرر إيجاد الحل.
_______________

بقلم - مصطفى كامل زلوّم


0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

الجزيرة بث مباشر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More