منشورات المدونة

الأحد، 1 يناير 2012

سنة ثورة يا جميل !!


عامُ مضى وولى سريعًا على ثورة الخامس والعشرين من يناير، أو ثورة شباب مصر، أو ثورة الشعب المصري، سمِها كيفما شئت، فهي ثورة جاءت في ترتيب ثورات الربيع العربي الثانية، قيل عنها أنها ثورةُ بيضاء، ليس فيها ولا من تركيباتها ولا من خصائصها اللون الأحمر، لونُ الدم.
وهنا يجب علينا التوقف قليلًا عند الذكرى الأولى للثورة، لنلتقط الأنفاس، ولننظر خلفنا، ولا ننسى أن نطيل النظر إلى الآفاق، أن نطيل النظر إلى المستقبل.
فبعد نجاح ثورة الياسمين في تونس، وفرار المخلوع الأول، الرئيس الأسبق لتونس "زين العابدين بن علي" بدأت بشائر حراك ثوري مُتأجج يبدو في آفاق الإنترنت، وكما كان "محمد البوعزيزي" شرارة ثورة تونس، كان خالد سعيد شرارة ثورة مصر، ذلك الشاب السكندري الذي مات تحت التعذيب في أحد أقسام الشرطة في الإسكندرية، قيل عنهُ أنهُ ناشط الكتروني، وقيل عنهُ أنه ناشطٌ مخدراتي، أيًا كانت ماهيته، وأيًا كان نشاطه لكنه أصبح بطلا بعد موته، وتناقلت مواقع التواصل الإجتماعي خبر وفاته سريعًا، وتم تدشين صفحة على الفيسبوك تحت عنوان وشعار" كلنا خالد سعيد" وفي أيام معدودة أتصل بالصفحة آلاف المُشتركين، وكأن الموضوع يسيرُ بختًا، بدون أدنى إعدادٍ أو تنسيق أو تخطيط مُسبق.
وكانت حركة 6 إبريل هي الداعم للحراك الشعبي من خلال صفحاتها على الإنترنت وخاصةً صفحة"كلنا خالد سعيد" كانت الدعوة سلمية، لا تركن إلى العنف، واستطاعت حركة 6 إبريل شحذ الهمم وإستنفار العواطف الدفينة لدى الشعب المصري والذي كان تواقًا للتغيير، جراء ما ناله من فقر وتهميش وإقصاء ليس على مدار ثلاثين عامًا هي عُمرُ حسني مبارك في الحكم، لكن على مدار ستين عامًا هي عمر الحكم العسكري في مصر من بداية ثورة 23 يوليو 1952 وإلى قيام ثورة 25 يناير 2011 ، كان الهم ثقيلًا، وكانت العواطف مُتأججة، وكان البنزين جاهزًا ينتظرُ عودَ الثقابِ.
ولكنَّ عودَ الثقاب الذي أشعل لينير، طارت منهُ شرارة عابثة أحرقت أشياءًا أخرى لم نكن نأمل أن تحترق.
ومن خلال ما سبق، ومن خلال نظرة سريعة على الأحداث الجارية، نرى ونسمع عن حركة 6 إبريل، وربما الرجل العادي لا يعرف هذه الحركة، أو لماذا اختارت هذا التاريخَ بالذات ليكون علمًا عليها ؟!
في السادس من إبريل عام 2008 قامت في المحلة الكبرى وتحديدًا بين جموع عمال الغزل والنسيج هناك حركة ثورية إحتجاجية، إعتراضًا على الأوضاع العمالية وقانون العمل المعمول بهِ في تلك الفئة، وأيضًا على ما نتج من عملية السرقة المنظمة المقننة والمسماة بالخصخصة !! والتي نتج عنها تسريحُ قطاعٍ كبيرٍ من عمال الغزل بمصانع المحلة الكبرى، بدأت بوقفة إحتجاجية، ثم تطورت إلى إضراب على مستوى المصانع بالمحلة، قوبلت بعنفٍ من أجهزت الشرطة وفض الشغب بالداخلية، إلى هنا كان الوضع شبه عادي إعتيادي، لكنَّ حركة 6 إبريل أو مجموعة الشباب المسمون بالنشطاء والذين أصبحوا فيما بعد كوادر الحركة، تلقفوا الخبر، خبر إضراب عمال النسيج بالمحلة الكبرى، وخبر العنف من جهة الأمن، ومنها حرَّكت الحركة ما يُشبهُ إضرابًا عامًا دعت إليه على الانترنت، تضمانا مع عمال الغزل، كانت الدعوة الشبابية تحت شعار "أجلس في بيتك" بمعنى لا تخرج للعمل !! أي عصيان مدني عام.
مرت المظاهرة أو الوقفة الإحتجاجية أو الإضراب، مر مرور الكرام على جُلِّ الشعب المصري ولم ينتبه إليه الكثيرون، لكنه خلَّف ورائه حزبًا أو فصيلًا أو حركة ثورية الكترونية أطلقت على نفسها "حركة شباب 6 إبريل"
أيضًا وكأن الموضوع جاء هملا أو بختا ! هذا سبب التسمية المعروف، لكن هناك تاريخٌ أو تواريخٌ أخرى كثيرة بنفس العنوان 6 إبريل، لكنها قديمة وخافتة بعضَ الشيء، مما يجعل الأكثرية لا تنتبهُ إليها، ولو تعرفت عليها صدفةً لن تربط بينها وبين الحركة الشبابية الثورية المسماة بذات الاسم، ومن جانبي قمتُ بجولة تفقديةٍ لمعظم الأحداثِ التي تحمل هذا العنوان فوجدت الكثير والكثير، لكن استوقفني من بينها التالي:
في 6 إبريل من عام 1814 نفي الإمبراطور الفرنسي الشهير "نابليون بونا بارت" إلى جزيرة "البا" في البحر المتوسط.
وفي 6 إبريل من عام 1919 بدأت ثورة "المهاتما غاندي" في الهند ضدَّ الإحتلال الإنجليزي.
وفي 6 إبريل من عام 1985 أطيح بالرئيس السوداني "جعفر النميري" بعد عدة أشهر من التوتر الداخلي.
طبعًا إلى جانب عشرات بل مئات الأحداث التي حدثت في هذا التاريخ، لكنها لم تسترعِ إهتمامي، كل ما لفت نظري أن يكون بهذا التاريخ هذه الأحداث المُثيرة للعجب، عزل رئيس، ونفي زعيم أو إمبراطور، وقيام ثورة سلمية !
فهل جاءت كل هذه الأمور مصادفةً ؟ هل العمال قاموا بالإضراب في المحلة يوم 6 إبريل بدون أدنى خلفية ثقافية تاريخية ؟ ومن ثمَّ قامت على ذكرى تلك التوترات هذا الحركة المسماة بذات الاسم ؟
سؤالٌ آخر: هل الشباب النشط الذي قام بالدعوة على الإنترنت لم يكتشف وجه التشابه هذا في أهم وأشهر الأحداث ؟ أم أنّ هؤلاء الشباب هم من قاموا باختيار اليوم بعناية، وهم من قاموا بالتعبئة العمالية الثورية قبل هبوب رياحُ الغضب في المحلة الكبرى ؟
أترك كل هذه الأسئلة بين يدي القارئ، وبالتأكيد سوف يجد الإجابات المُثلى لها، وأنتقل بكم إلى زاوية أخرى من زوايا الصورة !
الأناركية !
الأناركية هي دعوة إحتجاجية عالمية بدأت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حركة نقابية عمالية لا سلطوية !
بعدما تلطخت أيدي الحركات الإحتجاجية بالدماء، والتي كان من أشهر حوادثها إغتيال الرئيس الأمريكي الجمهوري "ويليام ماكينلي" في السادس عشر من سبتمبر عام 1901على يد الفوضوي " ليون كازلجوسز" فوضوي بحسب ما وصفتهُ أجهزة الإعلام الأمريكية حين ذاك !!
بعد هذا الحادث ظهرت في سماء السياسة الأمريكية حركة إحتجاجية مسماة بـ الأناركية - الإعلام والصحافة ساهما في تصوير أن اللاسلطويين هم إرهابيون يتسمون بالعنف، هذا الرأي تأثر بأحداث " تظاهرة هاي ماركت"، حيث اتهم اللاسلطويين برمي قنبلة على الشرطة بسبب مشاركتهم في اجتماع عقد في شيكاغو.
اللاسلطوية اللاعنيفة هي شكل من اللاسلطوية التي ترفض بالكامل أي شكل للعنف لأي غرض، من منظريها ليوتولستوي و"المهاتما غاندي "حيث يعتبران أبرز رموزها إلى جانب هنري دافيد، وثوريو وبارت دي ليت.
هنري دافيد كان أول من كتب تحت عنوان العصيان المدني فأثر في المقاومة السلميةلكل من ليو تولستوي والمهاتما غاندي. واللاسلطوية اللاعنيفة تتفق في أجزاء كثيرة مع اللاسلطوية المسيحية، فأول حركة لا سلطوية سلميةواسعة كانت من قبل أنصار تولستوي في روسيا، التي كانت حركة فلاحية وقامتعلى الكومونات اللاسلطوية اللاسلمية التطوعية وعلى مبادئ مسيحية لا سلطويةتتبنى اللاعنف المطلق وترفض كل السلطات القسرية.
بارت دي ليت كتب "الخضوع للعنف"، وأفكار غاندي كانت شهيرة في هذا العمل وعمل ريتشارد "قوة اللاعنف". كحركة عالمية اللاسلطوية اللاعنيفة ظهرت بقوة بعد الحرب العالمية الثانية خصوصا في حملات نزع السلاح النووي.
النظرية اللاسلطوية
هناك العديد من وجهات النظر في اللاسلطوية عن العنف، تقاليد تولستوي علىالمقاومة اللاعنيفة موجودة بين عدد من اللاسلطويين، لاسلطويين آخرين يؤمنون بالعنف خصوصًا الدفاعي كوسيلة للتصدي يمكن أن تقود للثورة الاجتماعية.
اريكو مالاتيستا الشيوعي اللاسلطوي قال إنه من الضروري التدمير عبر العنف، بما أنه لا يوجد وسيلة أخرى، العنفالذي ينكر (وسائل الحياة والتطور) للطبقة العاملة، اللاسلطويين الذين يحملون هذه الفكرة يؤيدون العنف كضرورة للتخلص من عالم الاستغلال وخصوصًا الدولة، "إيما جولدمان" قالت أن كل الحكومات تقوم على العنف، وهذا سبب من أجل معاداتها، جولدمان في بداية نشاطها لم ترفض نشاطات عنيفة كالاغتيال، ولكنها غيَّرت رأيها عندما ذهبت لروسيا، ورأت عنف الدولة الروسية والجيش الأحمر، ومنذ ذلك الوقت أدانت استخدام الإرهاب، خصوصًا من قبل الدولة، وقالت بأن العنف هو وسيلة للدفاع عن النفس، وجهات نظر إيما جولدمان كانت متحفظة مع (جوهان موست) وأنصار دعاية العمل الآخرين.
أتمنى أن تكون الخيوط قد قاربت على التجمع بين أصابع القارئ، وأن كان لا فهذه عدة عناصر من الممكن أن تقرب الصورة ولنعتبرها عملية تقريب أو زووم.
· قامت حركة 6 إبريل "الداعية لثورة يناير" على أنقاض حركة إحتجاجية عمالية في المحلة الكبرى عام 2008
· اختارت تلك الحركة يوم 6 إبريل تحديدًا ليكون يوم عصيان مدني عام
· ومن ثمَّ اختارت الحركة الشبابية الثورية الالكترونية هذا التاريخ ليكون علمًا عليها.
· في 6 إبريل من عام 1919 قامت ثورة المهاتما غاندي في الهند "وهي ثورة سلمية"
· وفي 6 إبريل هناك تواريخ أخرى "عزل رئيس السودان" و"نفي زعيم فرنسي"
· قامت الحركة "الأناركية" من وحي ثورة المهاتما غاندي ومستلهمةً الخط الثوري الغاندي السلمي .
· الأناركية حركة سلمية لكن هناك من المؤمنين بها ما يرى أن العنف هو الوسيلة المثلى للوصول للتغيير حيث أن السلطة قامت على العنف لذا يجب إستعمال العنف معها.
من الواضح أنَّ هناك قواسم مشتركة كثيرة بين ما حدث في تونس وبعده مصر، وبين ما حدث عالميًا وإقليمًا، هذا إن وضعنا بجانب هذه الصورة عدة عناوين مثيرة تناقلتها وسائل الإعلام قبل وأثناء وبعد الثورات، منها:
· حركة 6 إبريل حركة مشبوهة تتلقى تمويلًا من الخارج وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
· بعض كوادر الحركة ذهبوا إلى صربيا لتلقى التدريب هناك بدعوة من حركة "فرديم هاوس" الثورية الداعية لإسقاط الأنظمة بطريقة سلمية.
· صور كثيرة تناقلتها وسائل الإعلام العالمية لأفراد من حركة 6 إبريل مع رموز من الإدارة الأمريكية مثل "هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية.
· إعلان بعض أجهزة الدولة في مصر عن أن تحت أيديها ما يُثبت تورط بعض منظمات المجتمع المدني في عمليات مشبوهة، وعن تلقي تلك المنظمات تمويلات أجنبية غير مصرحة.
· تغير وسيلة التظاهر في المرحلة الأخيرة بعد الثورة إلى وسيلة العنف الغير مُبرر مما نتج عنها حرائق وشغب وإغتيالات عديدة.
· الاستقواء بالغرب في معظم تصريحات المتحدثين باسم منظمات المجتمع المدني، خاصةً حركة 6 إبريل.
فريدوم هاوس
هي مؤسسة دولية غير حكومية مقرها واشنطن دي سي، تأسست في عام 1941، تقوم بإجراء بحوث ودعوات حول الديمقراطية،الحرية السياسية وحقوق الإنسان، تحصل بيت الحرية أو "فرديم هاوس" على التمويل من خلال الأفراد، وأيضًا من قِبل حكومة الولايات المتحدة،وتصدر المؤسسة تقريرًا سنويًا تقيِّم فيه درجة الحريات الديمقراطية من حقوق مدنية وحرية الصحافة وغيرها في كل بلد حول العالم، وتستخدم منشورات وأبحاث المؤسسة في مجال دراسات العلوم السياسية، ويعمل في المؤسسة نحو 120 شخصًا.
هذا هو التعريف المُعلن للمؤسسة على موقعها الرسمي وفي بعض المواقع التعريفية على الإنترنت، لكن هناك آراءٌ ومقالات وشهادات أخرى تقول كلامًا غير ذلك.
أسست منظمة فريدوم هاوس ذات الصلة الوثيقة بجهاز المخابرات الأمريكية في عام 1941م بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي وقتها "فرانكلين روزفلت" وكان دعم الرئيس روزفلت لهذه المنظمة المشبوهة جليًا حين جعل على رأسها زوجته "ألينور روزفلت" بالإشتراك مع المحامي القريب منه والداعم هو الآخر للمشروع الصهيوني "ويندل ويلكيلي الأب"، وكان الهدف "المخابراتي" من تأسيس تلك المنظمة المشبوهة فريدوم هاوس هو مكافحة "التعسف السوفيتي" وهو الاسم الذي كان يستخدم وقتها لمكافحة الشيوعية طبقًا للخطة التي وضعها الـ " سي أي ايه" ومع تصاعد قوة اللوبي الصهيوني في أميركا مع إنتقال الرأسماليين الصهاينة الكبار والمنظمات والمؤسسات المالية والمصرفية من بريطانيا وأوروبا إلى أميركا ، تبعًا لانتقال مراكز القوة العالمي إلى واشنطن في نهاية الحرب العالمية الثانية، سيطر اللوبي الصهيوني على فريدوم هاوس وسخرها لمصلحة الأميركيين في العلن ولمصلحة إسرائيل المتطابقة دومًا مع الرضا الأميركي - بما له من إمتداد ديني وعقائدي داخل النخبة السياسية والثقافية في أوروبا الشرقية وفي الاتحاد السوفيتي تحت مسمى سياسة الاحتواء، وبالفعل تعترف منظمة فريدوم هاوس على موقعها الرسمي عبر شبكة الإنترنت أنها
* دعمت مشروع "مارشال الأوروبي" الهادف إلى تقوية اقتصاديات أوروبا الغربية على تلك الشرقية لكي تمثل سدًا في وجه الشيوعية .
* دعمت الأحزاب الديمقراطية المسيحية اليمينية في عدد من الدول الأوربية الغربية مثل ايطاليا وألمانيا للفوز في الانتخابات خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينات في مواجهة الأحزاب الشيوعية القوية التي كان يمكن لها الوصول إلى السلطة في ايطاليا وفرنسا على سبيل المثال بقوة الناخبين وبلا عنف لولا التدخل المخابراتي الأميركي في تزوير الانتخابات وفي تمويل رشى مالية استمالت بها الإعلام والنقابات وقيادات يسارية ضعيفة النفس أمام الأموال الضخمة التي كانت تقدمها لهم فريدوم هاوس.
* في بولندا لعبت فريدوم هاوس كما اللوبي اليهودي الصهيوني دورًا هامًا جدا في دعم النقابات وفي إسقاط النظام الشيوعي لا حبا بالشعب البولندي بل كراهية للاتحاد السوفيتي
* قضية العراق واحتلاله بعد حصاره وتقسيم العراق إلى دويلات كان مشروعا مولته فريدوم هاوس تفاصيله في كردستان وفي الجنوب الشيعي، عبر عملائها ولكن مصالح الأتراك منعت الأميركيين من الذهاب بعيدًا في المشروع حتى الآن ولا احد يعرف ما الذي يحمله المستقبل.
* عقدت مؤتمرات عديدة لدعم الأشوريين في سوريا بحجة أن لهم قضية
* دعمت متطرفي الأقباط للمطالبة بدولة عنصرية لهم على أراض مصر ودعمت ولا تزال كل صديق لإسرائيل
وبعد هذه اللفة الطويلة نأتي للحال المصري المعاصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وفي عيدها الأول، نطرحُ تساؤلات عدة في محاولة لوجود إجاباتٍ شافية لها، وبعيدًا عن أي تحاملٍ على الثوار أو الثورة أقول:
إن الثورة المصرية ثورة شعب بأكملهِ، قامت ضدَّ حكم فاسد أستمر ثلاثة عقودٍ هي الأسوأ طيلة العقود الستة الماضية، أشعل شرارة الثورة شباب على الإنترنت، أيًا كانت نواياهم في بادئ الأمر، لكنها لاقت صدًا كبيرًا في أوسط الشعب المصري المكبوت والمُهمش، خرج الشعبُ كلهِ عن بكرة أبيهِ ينادي بالإصلاح والتغيير، قابلت الداخلية الثورةَ بالبطش والقتل والترويع، لكن كل تلك الممارسات لم تزد الشعب إلا تمسكًا وتماسكًا وإصرارًا على المضي قُدمًا في طريق الإصلاح، ثم استطاع الشعبُ أن يصنع التغيير، كان ذلك من يوم 28 يناير "جمعة الغضب" وإلى أن نجح في 11 فبراير أن يزيح رأس السلطة عن الحكم وأن يخلع الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، وبعد أن شعرَ الشعبُ بنجاحِ ثورتهِ أراد أن يعود إلى ديارهِ ليجني ثمارَ ما غرس، أراد الشعبُ أن يُراقب المشهدَ عن كثبٍ، ولسان حالهِ يقول: وإن عدتم عُدنا – وفي هذه الأثناء ظهرت خربشات على سطح الصورة لم يعيها الشعبُ المُظفر، ودارت في رأس النَّاسِ أسئلةً كثيرةً لم يجد إجاباتٍ عليها، لكن على ما يبدو أن الإجابات ليست مُتاحةً إلى لواضعي الأسئلة فقط !
السؤالُ الأول: لماذا التظاهر بعد جلاء الغمة ؟
السؤال الثاني: لماذا العداء للجيش برغم أنه هو الذي حمى الثورة ؟
السؤال الثالث: لماذا خروج التظاهرات أثناء وبعد كل جولة إنتخابية وظهور التيار الإسلامي على سطح الحياة السياسية ؟
السؤال الرابع: وهل هذا يتفق مع هبوط تيَّارات أخرى لم تجد لها مكانًا في الحياة النيابية ؟
السؤال الخامس والأهم: لماذا تغير نمط الثورة من السلم إلى العنف المُنظم، وما واكب ذلك من إحراق لمؤسسات الدولة منها على سبيل المثال، إحراق المجمع العلمي المصري ؟
فهل يا تُرى كانت ثورة وقُلبت مؤامرة أم أنها كانت مؤامرة قُلبت إلى ثورة وأراد المتآمرون أن يستعيدوا دورهم ؟! عمومًا نترك كل هذه الأسئلة بين يدي القارئ الناصح وليجد هو الإجابات من بين السطور، فإن لم يجد فلينتظر ما ستسفر عن الأحداث الجارية والمُتصاعدة تترى.
أما ما أنيط بنا كمصريين غيورين على بلادنا، فإن كانت مؤامرة قلبت ثورة أو ثورة قلبت مؤامرة، فما تعنينا هي ثورتنا التي أردنا من خلالها التغيير، وقد جاء التغيير والحمد للهِ، فما علينا إلا العض عليها بالنواجز، من خلال إتمام الإنتخابات البرلمانية وتدشين الدستور المصري الجديد وإنتخاب رئيس للدولة، ثم المضي قدومًا نحو آفاق المستقبل الجديد، ولنترك أجهزت الدولة توجد لنا إجابات عن تلك التساؤلات، وخاصةً – حقيقة 6 إبريل وما شابهها من حركات بدأ المواطن المصري العادي يضع أمامها ملايين علامات الإستفهام !!
أيها المصريون ،، كل عامٍ وأنتم بألف خير ،، وهنيئًا لكم ثورتكم ،، وسنة ثورة يا جميل.
___________________




بقلم - مصطفى كامل زلوم

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

الجزيرة بث مباشر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More