منشورات المدونة

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

انهيار الدولة العكاشية !!


كم كنت أغبط الجدة زمان حينما كانت تجالسنا وتحاكينا وتسرح بنا في عالم من صنع الخيال. «حواديت» غاية في الجمال والروعة ، كان منها ما هو أسطوري ، لم يحدث ، وكان منها ما هو حقيقي لكنه أغرب من ذلك الأسطوري الغريب !
وكنت أحدث نفسي كثيرا ، ترى .. ماذا سأقول لأولادي وأحفادي إن قُدر لي البقاء والعيش والوصول إلى السن التي وصلت إليها هذه الجدة الرائعة ، ربما الوصول إلى هذه السن مأمول من الله ، لكن الحكايات والمواقف التي يستغرب سامعها هل ستكون حاضرةً في زماني لأحويها وأحكيها يوما .

ولله الحمد أن أوصلني لهذه السن المتوسطة من العمر ، بعدما زحفت نحو الأربعين إلا قليلا من شهور ، وقد حويت الكثير والكثير من الحواديت ، والتي لو أنّ لي أحفادٍ يطالبوني بالحكاية لحكيت ، وخاصةً بعدما رأيت بعيني وسمعت بأذني موقف ذلك المُتملق الكذاب المتحول «توفيق عكاشة» منذ سويعات ، فقد ظهر الليلة صوتيا مع وائل الإبراشي في برنامج الحقيقة على قناة «دريم2» وقد بدا الرجل أكثر رقة وجمالا ، وأكثر إنتماءً ورخاءً ، معلنا في غير كسوف ولا وجل أنهُ يؤيد الرئيس «المُنتخب» محمد مرسي في قراره الرشيد وهو «إقالة المشير طنطاوي ورفاقه» ثم صب جمّ غضبه على طنطاوي والمجلس العسكري ووصفه بالهزيل ووصف دولته أو الدولة التي كانت تحت مظلة حكمة بالضعيفة ، ثم شرع في وصلة نفاق لا تقل فجاجة عن تلك الوصلات المتصلة المنفصلة التي كان يقودها ويتصدرها على قناته المريبة «الفراعين» عن كيفية العلاقة بينه وبين الدكتور مرسي رئيس الجمهورية والدكتور محمد مرسي المواطن المصري وعضو مجلس الشعب عام 2002م ، وأظهر للمشاهد أو للمستمع أن ثمة صداقة تجمعه مع الدكتور الرئيس من ذاك التاريخ الغابر ، أيام كان الدكتور نائبا في البرلمان ، وأن لقاءً تم بينه وبين النائب محمد مرسي في برنامجه الموقوف بقرار ظالم من أنس الفقي وزير إعلام مبارك «أعضاء وبرلمان» ، ثم تطرق كالعادة إلى تاريخه النضالي والذي لا يقل فخرا عن تاريخ أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مجتمعين وفوقهم حسن البنا مؤسس الجماعة ، وكيف أن الرجل«المناضل» توفيق عكاشة أبن مصر البار وقف مدافعا صادحا بالحق في دولة الظلم السابقة وفي زمن عز فيه من كان يقول الحق أو يقول: «للغولة عينك حمرا» . حكايات وأساطير أذاعها الليلة المدعو توفيق عكاشة أسرت خيالي وأنعشت المكنون الدرامي لدي للدرجة التي تخيلته فيها ممثلا على مسرح الحياة ، ممثلٌ من الدرجة العاشرة أو كومبارسٌ حقيرٌ يبرجمُ ويبرطم ويرطن بلسان أعجمي مقيت ، فالذي رآه وسمعه وهو يكيل التهم للدكتور محمد مرسي ولجماعته ، والذي سمعه وهو يدفع المجلس العسكري دفعا لأن ينقلب على الرئيس ، والذي سمعه وهو يهين الرئيس ويتوعده بالسحق يوم جنازة المغفور لهم بإذن الله شهداء رفح ، والذي سمعه وهو يدافع عن طنطاوي وعنان وزملائهما من أعضاء المجلس العسكري بكل قوة وعزيمة ، الذي سمع كل هذه الكلمات ورأى كل هذه المناظر وسجّل كل هذه المواقف لا يمكن أن يصدق ما سمعه الليلة من فمه هو شخصيا.

الرجل تحول بنسبة 360 درجة من النقيض إلى النقيض أو من اليمين إلى اليسار أو العكس ، المهم أن الوضع الذي كان عليه أصبح على نقيضه تماما ، فهل تكون هذه هي أول الغيث وأن انهيار إمبراطوريات الشر قد أمسى وشيكا ؟! وخاصة بعد انهيار أسطورة طنطاوي الرجل الفولاذي ، ثم بعده أكذوبة أبي حامد يوم «24 أغسطس» التعيس ، وبعدها بساعات انهيار البلطجي القبطي العتي «صبري حلمي نخنوخ» ثم اليوم إحالة احد أباطرة القضاء القديم إلى محكمة الجنايات وهو المستشار الذي أرتبط أسمه بقضية التمويل الأجنبي وتهريب المتهمين الأمريكان «عبد المعز إبراهيم» وها هو عكاشة يضع اللمسات الأخيرة لمسلسل الانهيار الأخير ، وعلى الهواء مباشرةً .
إن انهيار عكاشة هكذا إنما هو بشير صبحٍ بانهيار الدولة «العكاشية» بكافة فروعها وأطرافها.
بدايةً بالجناح الإستخباراتي الرهيب «مراد موافي» رئيس دولة مخابرات عمر سليمان ، ثم الجناح العسكري «طنطاوي وعنان» ثم الجناح السياسي «أبو حامد وبكري» ثم الجناح الإجرامي «نخنوخ وأتباعه» ثم الجناح القضائي «عبد المعز إبراهيم والزند» وأخيرا الجناح الإعلامي «توفيق عكاشة» ومن قبله «إسلام عفيفي» .

من بدائع الخلق وقدرة الخالق أنها شبكة يربط بعضها بعضا ، وكما أن كرة الثلج تكبر بالانحدار ، فإن الغزل ينقضُ من طرفه ولو كان ذا قوة أنكاثا ، وسبحان من يرث الأرض ومن عليها وإليه ترجعون ، وسبحان من نصر موسى على فرعون ، وسبحان من أقتص لنا من دولة الظلم والجور ، ولله الأمرُ من قبل ومن بعد.
_______________


مصطفى كامل زلوم

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

الجزيرة بث مباشر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More