منشورات المدونة

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

وما حكم «الكباب» في دولة الانقلاب؟!



في سابقة هي الأسفل من نوعها أخبرني صديقي القاطن في مدينة ملوي بـ المنيا على الطريق الزراعي السريع، بكل أسى يقول: بينما عقارب الساعة تزحف نحو الثالثة صباحا، وأنا قلق لا أنام إلا بعد بزوغ الفجر خوفا من مجهول الليل، وكنت حينها أقف في شرفة منزلي المطل على الطريق السريع القاهرة أسوان، والذي يشق مدينة ملوي نصفين! ارقب عن كثب حركة السيارات وهي تغدوا مذعورة تهوي كجلمود صخر حطه السيلُ من عليّ! وتحت بيتي مطعمُ «كباب» تنبعث منه رائحة الشواء الطازج، ما يدل على أنّ صاحبه غيرُ مكترثٍ بحظر التجوال الفارض أطنابه على هدوء المدينة!

بعد برهة إذا بسيارة نقل محملة «طوب» بناء تتوقف وينزل منها شاب ريفي المنظر، يقترب من العقد الثالث، يدخل للمطعم فإذا بنادل المطعم ينادي عليه خارجه وقد أتخذ موقعا استراتيجيا يسمح له بمراقبة المكان كله، فيقترب الشاب منه ويطلبه أن يعد له عدة طلبات لحم مشوي لعدد زملائه القادمين معه بعدما يفرغوا من إفراغ الحمولة في مكان قريب، ويدس في يده مبلغا من المال، ويبدأ الرجل العمل مجددا، في الوقت الذي غابت فيه السيارة من أمام البيت!

تمر اللحظات ويأتي الشاب ومعه ثلاثة آخرون بينما السيارة تقف فارغة بعيدا وكأنها تتنهد من بعد الحمولة التي نزلت عن كاهلها! يجلس الشباب الأربعة على منضدة كبيرة ويبدأ الرجل صاحب المطعم في تضييع الوقت الذي تبقى على نضوج اللحم في تنظيم وإعداد المنضدة وترتيب الخبز والماء والملح والسلطات!
يتهامس الشباب في نشوة بعدما عوت أمعيتهم من شدة الجوع والتعب، وعلى وقع جهاز التلفاز الخافت ورائحة الشواء الذي زاد انبعاثه ما يدل على أنه على وشك النضوج راح الشباب الأربعة يتضاحكون في فرح الريفي الذي نزل إلى المدينة بينما الوقت لا يسمح بأكثر من ذلك فالوقت مازال متأخرا.

وقبل أن يأتي نادل المطعم بطلبات اللحم إذا بسيارة شرطة تأتي مسرعة لتتوقف فجأة أمام المطعم ويهبط منها ما يربو عن عشرة جنود ملثمين من قوة الداخلية ومعهم ضابط يلبس مدنيا! ويقتربوا من رهط الشباب الجائع منتظري الطعام اقتراب الذئب من الفريسة!
هنا قطع الشباب الضحكات والهمسات وساد جو من الصمت المرعب قبل أن تقطعه أصوات الجنود بالسباب المبرح، ثم بدأ الضرب الغليظ! والذي يصفه صديقي بأنه كان يشبه ضرب «منجد» بلدي لمرتبة قطنية أو مخدة! أخذ الجنود بأمر من الضابط يضربون الشباب بكل قسوة وكأنهم وقعوا في غنيمة كانوا ينتظرونها على أحر من الجمر! والشباب الأربعة يصرخون ولا من مغيث! وتعالت الصيحات ممزوجة بلعنات الشرطيين سائلين الشباب عن الذي أتى بهم في هذه الأوقات! لقد أكل الشباب «علقة» لم يكونوا يحلمون بنصفها وهم يتلمظون جوعا في انتظار وليمة الشواء التي لم يهنئوا بها، وانصرف الشرطيون بعدما أعطوهم درسا في «حب الوطن» لن ينسوه، ولم ينسوا أن يوبخوا صاحب المطعم لعدم احترامه مواعيد حظر 
التجوال! لم يمش هؤلاء الشباب في مظاهرة ولم يهتفوا ضد السيسي ولم يطالبوا بعودة الشرعية وليس مهم سلاح ولا ينتمون لجماعة محظورة وليس لهم رأي يخالف الحكومة الانقلابية! وربما لا يستمعون لقناة الجزيرة ولا يصلون في مساجد تقل عن ثمانين متر، وليس بمستبعد أنّهم يؤيدون الانقلاب العسكري! لم يقترفوا ثمة جريمة تذكر، كل ما فعلوه هو أن تصرفوا بطبيعتهم فلبوا نداء الأمعاء وأرادوا أن يعيشوا لحظات كانوا يتخيلون أنها ملكا لهم! وبكره تشوفوا مصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصطفى كامل زلوم    

1 التعليقات:

Titanium Helix Earrings | Titanium-Arts.com
Find TITanium Helix Earrings at microtouch titanium trim reviews T.itanium-Arts.com. micro touch hair trimmer T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. titanium trimmer as seen on tv T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. titanium rod in leg T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. titanium body armor T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. T-Titanium-Arts.com. T-T

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

الجزيرة بث مباشر

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More